شباب المسيحيين: «إحنا كرهنا الصوت الواطي»
«كلما نظرت إلى أقدامي رأيت الخطوة، ولكنى لا أرى الطريق.. اكتسى دماً ولحماً.. أتكلم ولا أولد... هل هذا هو اقتران الوطن بالنفى».. بكلمات الشاعر محمد عفيفى مطر، نبدأ مشوار بوح..من النوع المؤلم، لكنه يستحق التأمل، مشاعر من الحب والغضب والألم، يشعر بها شباب قبطى مصرى رأى المشهد مختلفاً عن المسؤولين وأصحاب المصلحة في إثارة الفتن فى بلد تختلط عاداته وتقاليده ومعتقداته ببعضها البعض، فيذهب المسيحى للسيدة للتبرك بها وتوقد الأم المسلمة الشموع لابنتها فى مار جرجس، لتنير لها الطريق.
«المصرى اليوم» استمعت لهذا البوح لتكتمل مشاهد وطن على حافة الانفجار، لا يهم من أخطأ بحق من، ولكن الأهم ما هو قادم، وكيف يراه الأقباط.
البداية كانت مع مينا كرم، باحث من محافظة المنيا، الذى يرى أن نظام الرئيس السابق حسني مبارك تعامل مع المسألة القبطية على أنها فرعية أو ثانوية، وبمنظور أمنى بحت، عمل على زيادة الاحتقان بين المسيحيين والمسلمين، وجعل الأقباط يشعرون أنهم أقلية وليسوا مواطنين، يتمتعون بحقوق مواطنة حقيقية.
وقال مينا: «الأقباط فى مصر معزولون سياسياً منذ عام 1952، عندما استبعدتهم الدولة من أى فرصة للظهور فى المجال السياسى، وتبع ذلك أزمة 1971، عندما أعلن الرئيس الراحل أنور السادات، أنه رئيس مسلم لدولة مسلمة، وكأنه كتب شهادة وفاة أقباط مصر، وهو مازلنا نعانى منه حتى اليوم، فظهرت ثقافة جديدة فرضت نفسها على المجتمع، وهى الفتنة والتفرقة بين المسلم المصرى والمسيحى المصرى، بسبب ما تعج به المناهج الدراسية والإذاعة المدرسية من اهتمام بدين وفكر واحد وتجاهل تام للطرف الثانى المسيحى».
وأضاف «مينا» أن حل تلك الأزمة هو إما إلغاء حصة الدين تماماً من المدارس واستبدالها بحصة مشتركة للأخلاق وللمواطنة، أو مراعاة الطرف الآخر بنفس الكيفية فى التناول. وحول ازدياد مخاوف الأقباط بعد وصول تيار الإسلام السياسى للحكم، قال «مينا» إن المخاوف القبطية تتزايد يوماً بعد يوم، وظهر ذلك مع حوادث التهجير التى بدأت فى عهد الرئيس محمد مرسى فى دهشور وسيناء، وتبقى وعود الرئيس للأقباط كبقية وعوده ووعود جماعته للشعب المصرى، لا يمكن الوثوق بها على الإطلاق لأنهم ليس لهم كلمة، على حد تعبيره.
وتابع: «الأقباط ليس لهم أى مشكلة مع الإسلام أو المسلمين أو فى أنهم أقلية عددية تعيش فى ظل أغلبية مسلمة فى دولة دينها الرسمى الإسلام، لكن مشكلتنا الجوهرية فى كل العهود هى الخلل الحادث فى فهم المواطنة والتعايش السلمى وتطبيقاتها العملية».
أما رومانى صبرى، طالب بجامعة القاهرة، فقال إن الإخوان يضطهدون الأقباط «لكن الناس مش واخدة بالها إن الاضطهاد من زمان»، مبرراً ذلك بأن وسائل الإعلام المرئية والمسموعة كانت ضئيلة، ولم يكن أحد يعرف أي حادثة للأقباط بناء على تعليمات الحكومات، والحقيقة أنه لو قام أى مركز بحث علمى باقتراع بين الأقباط ليختاروا بين مرسى ومبارك ستكون النتيجة 90% «فين أيامك يا مبارك»، بل وعدد كبير من المسلمين أيضاً.
وأضاف «رومانى»: «أنا علمانى مصرى قبطى ومن المستحيل أن أنتخب الإخوان، ولو كنت أمام اختيار بين إخوانى ومسلم (يزنى)، هختار الأخير لأنى أستطيع محاورته، وأنا تحاورت مع كثير من أعضاء الإخوان وكانت نهاية الحوار دائماً استخفاف وتكفير».
وقال عماد عريان، مدير مالى، إن حكم الإخوان لا يمثل له مشكلة مطلقاً إذا كان سيحقق العدل، بمعنى أن المواطن المسيحى يساوى المواطن المسلم فى الدولة، لكن ما يحدث الآن أن المسلمين أنفسهم لا يتحقق لهم العدل، وأصبحوا يفرقون ما بين الإخوانى والسلفى والليبرالى، بل ويكفر بعضهم بعضاً.
وقالت «بدور بنيامين»، سكرتيرة بشركة هندسية، إن أهم المشكلات التى تواجه الأقباط هى بناء الكنائس فى السر قبل العلن، فيما قالت شيرين لويس، أخصائية اجتماعية، إن حكم الإخوان يمثل لها مشكلة كمواطنة مصرية مسيحية، خاصة النظرة للفتاة غير المحجبة ومعاملتها درجة ثانية فى المواصلات والشارع، معلقة بقولها: «أنا لا أشعر بالمساواة مطلقاً».
وأضافت: «الكنيسة قضت وقتاً طويلاً فى الصمت، من باب الحفاظ على أولادها، يعنى عملت لهم كل حاجة جوه الكنيسة عشان ميطلعوش بره، يعنى الدرس جوه الكنيسة والمستشفى والكورسات والجواز، هذا بجانب الفكر المسيحى القائل (نحن فى غربة ولا يجب أن نتدخل فى مشاكل البلد)، والحقيقة أنه تم عزل المسيحيين عن كل المشاركات»، وتوضح أن الغربة ليس المقصود بها مصر، وأنها عبارة عن فكرة مسيحية تقول إن الوطن الحقيقى هو السماء.
وقال «سامح فوزى»، أعمال حرة من الإسكندرية، إنه ضد أى حاكم يعمل على تقسيم الوطن والمواطنين ويحكم الدولة بالدين، وقال «أيوب ذكرى»، مهندس: «مافيش عدل خالص.. لا فى عهد مبارك ولا فى عهد مرسى، الفارق بس أنه أيام مبارك كان ممكن يحصل مجاملات واضحة أو ممكن بالإحراج تاخدى حاجة، لكن دلوقتى بقى الظلم علنى».
وعلقت سارة رفعت، مخرجة أفلام وثائقية من المنيا، بقولها إن المشكلة الرئيسية هى عدم إحساسهم بالمواطنة الحقيقية، وهو ما يؤدى لعدم الإحساس بالأمان، ويدفع بالبعض إلى الهروب إلى الخارج، وتضيف: «ولكن هذا لا يمنع أن جزءاً من المشكلة يقع على الأقباط أنفسهم، بسبب إحساسهم الدائم بالتمييز والاضطهاد، وتعايشهم مع دور الضحية السلبية، محدش بيفكر إزاى ياخد حقوقة بطريقة إيجابية».
وقال شادى هانى نبيل، من سوهاج، إن التعصب موجود لدى الطرفين لكنه يظهر ضد المسيحيين أكثر لأنهم أقلية، ويختلف من بيئة لأخرى، لكنه موجود فى جميع الطبقات والبيئات إلا ما ندر، مشيراً إلى أن حل أزمة الأقباط يأتى بالمشاركة السياسية من خلال الأحزاب وليس عن طريق حركات قبطية، وأن تكون مطالب الأقباط جزءاً من مطالب الوطن وليست مطالب فئوية.
«كلما نظرت إلى أقدامي رأيت الخطوة، ولكنى لا أرى الطريق.. اكتسى دماً ولحماً.. أتكلم ولا أولد... هل هذا هو اقتران الوطن بالنفى».. بكلمات الشاعر محمد عفيفى مطر، نبدأ مشوار بوح..من النوع المؤلم، لكنه يستحق التأمل، مشاعر من الحب والغضب والألم، يشعر بها شباب قبطى مصرى رأى المشهد مختلفاً عن المسؤولين وأصحاب المصلحة في إثارة الفتن فى بلد تختلط عاداته وتقاليده ومعتقداته ببعضها البعض، فيذهب المسيحى للسيدة للتبرك بها وتوقد الأم المسلمة الشموع لابنتها فى مار جرجس، لتنير لها الطريق.
«المصرى اليوم» استمعت لهذا البوح لتكتمل مشاهد وطن على حافة الانفجار، لا يهم من أخطأ بحق من، ولكن الأهم ما هو قادم، وكيف يراه الأقباط.
البداية كانت مع مينا كرم، باحث من محافظة المنيا، الذى يرى أن نظام الرئيس السابق حسني مبارك تعامل مع المسألة القبطية على أنها فرعية أو ثانوية، وبمنظور أمنى بحت، عمل على زيادة الاحتقان بين المسيحيين والمسلمين، وجعل الأقباط يشعرون أنهم أقلية وليسوا مواطنين، يتمتعون بحقوق مواطنة حقيقية.
وقال مينا: «الأقباط فى مصر معزولون سياسياً منذ عام 1952، عندما استبعدتهم الدولة من أى فرصة للظهور فى المجال السياسى، وتبع ذلك أزمة 1971، عندما أعلن الرئيس الراحل أنور السادات، أنه رئيس مسلم لدولة مسلمة، وكأنه كتب شهادة وفاة أقباط مصر، وهو مازلنا نعانى منه حتى اليوم، فظهرت ثقافة جديدة فرضت نفسها على المجتمع، وهى الفتنة والتفرقة بين المسلم المصرى والمسيحى المصرى، بسبب ما تعج به المناهج الدراسية والإذاعة المدرسية من اهتمام بدين وفكر واحد وتجاهل تام للطرف الثانى المسيحى».
وأضاف «مينا» أن حل تلك الأزمة هو إما إلغاء حصة الدين تماماً من المدارس واستبدالها بحصة مشتركة للأخلاق وللمواطنة، أو مراعاة الطرف الآخر بنفس الكيفية فى التناول. وحول ازدياد مخاوف الأقباط بعد وصول تيار الإسلام السياسى للحكم، قال «مينا» إن المخاوف القبطية تتزايد يوماً بعد يوم، وظهر ذلك مع حوادث التهجير التى بدأت فى عهد الرئيس محمد مرسى فى دهشور وسيناء، وتبقى وعود الرئيس للأقباط كبقية وعوده ووعود جماعته للشعب المصرى، لا يمكن الوثوق بها على الإطلاق لأنهم ليس لهم كلمة، على حد تعبيره.
وتابع: «الأقباط ليس لهم أى مشكلة مع الإسلام أو المسلمين أو فى أنهم أقلية عددية تعيش فى ظل أغلبية مسلمة فى دولة دينها الرسمى الإسلام، لكن مشكلتنا الجوهرية فى كل العهود هى الخلل الحادث فى فهم المواطنة والتعايش السلمى وتطبيقاتها العملية».
أما رومانى صبرى، طالب بجامعة القاهرة، فقال إن الإخوان يضطهدون الأقباط «لكن الناس مش واخدة بالها إن الاضطهاد من زمان»، مبرراً ذلك بأن وسائل الإعلام المرئية والمسموعة كانت ضئيلة، ولم يكن أحد يعرف أي حادثة للأقباط بناء على تعليمات الحكومات، والحقيقة أنه لو قام أى مركز بحث علمى باقتراع بين الأقباط ليختاروا بين مرسى ومبارك ستكون النتيجة 90% «فين أيامك يا مبارك»، بل وعدد كبير من المسلمين أيضاً.
وأضاف «رومانى»: «أنا علمانى مصرى قبطى ومن المستحيل أن أنتخب الإخوان، ولو كنت أمام اختيار بين إخوانى ومسلم (يزنى)، هختار الأخير لأنى أستطيع محاورته، وأنا تحاورت مع كثير من أعضاء الإخوان وكانت نهاية الحوار دائماً استخفاف وتكفير».
وقال عماد عريان، مدير مالى، إن حكم الإخوان لا يمثل له مشكلة مطلقاً إذا كان سيحقق العدل، بمعنى أن المواطن المسيحى يساوى المواطن المسلم فى الدولة، لكن ما يحدث الآن أن المسلمين أنفسهم لا يتحقق لهم العدل، وأصبحوا يفرقون ما بين الإخوانى والسلفى والليبرالى، بل ويكفر بعضهم بعضاً.
وقالت «بدور بنيامين»، سكرتيرة بشركة هندسية، إن أهم المشكلات التى تواجه الأقباط هى بناء الكنائس فى السر قبل العلن، فيما قالت شيرين لويس، أخصائية اجتماعية، إن حكم الإخوان يمثل لها مشكلة كمواطنة مصرية مسيحية، خاصة النظرة للفتاة غير المحجبة ومعاملتها درجة ثانية فى المواصلات والشارع، معلقة بقولها: «أنا لا أشعر بالمساواة مطلقاً».
وأضافت: «الكنيسة قضت وقتاً طويلاً فى الصمت، من باب الحفاظ على أولادها، يعنى عملت لهم كل حاجة جوه الكنيسة عشان ميطلعوش بره، يعنى الدرس جوه الكنيسة والمستشفى والكورسات والجواز، هذا بجانب الفكر المسيحى القائل (نحن فى غربة ولا يجب أن نتدخل فى مشاكل البلد)، والحقيقة أنه تم عزل المسيحيين عن كل المشاركات»، وتوضح أن الغربة ليس المقصود بها مصر، وأنها عبارة عن فكرة مسيحية تقول إن الوطن الحقيقى هو السماء.
وقال «سامح فوزى»، أعمال حرة من الإسكندرية، إنه ضد أى حاكم يعمل على تقسيم الوطن والمواطنين ويحكم الدولة بالدين، وقال «أيوب ذكرى»، مهندس: «مافيش عدل خالص.. لا فى عهد مبارك ولا فى عهد مرسى، الفارق بس أنه أيام مبارك كان ممكن يحصل مجاملات واضحة أو ممكن بالإحراج تاخدى حاجة، لكن دلوقتى بقى الظلم علنى».
وعلقت سارة رفعت، مخرجة أفلام وثائقية من المنيا، بقولها إن المشكلة الرئيسية هى عدم إحساسهم بالمواطنة الحقيقية، وهو ما يؤدى لعدم الإحساس بالأمان، ويدفع بالبعض إلى الهروب إلى الخارج، وتضيف: «ولكن هذا لا يمنع أن جزءاً من المشكلة يقع على الأقباط أنفسهم، بسبب إحساسهم الدائم بالتمييز والاضطهاد، وتعايشهم مع دور الضحية السلبية، محدش بيفكر إزاى ياخد حقوقة بطريقة إيجابية».
وقال شادى هانى نبيل، من سوهاج، إن التعصب موجود لدى الطرفين لكنه يظهر ضد المسيحيين أكثر لأنهم أقلية، ويختلف من بيئة لأخرى، لكنه موجود فى جميع الطبقات والبيئات إلا ما ندر، مشيراً إلى أن حل أزمة الأقباط يأتى بالمشاركة السياسية من خلال الأحزاب وليس عن طريق حركات قبطية، وأن تكون مطالب الأقباط جزءاً من مطالب الوطن وليست مطالب فئوية.