يتم التشغيل بواسطة Blogger.

محاكمة مرسى أمام المحـكمة الجنائية الدولية لهذا السبب

نشر من قبل Unknown  |   12:38 م


محاكمة مرسى أمام المحـكمة الجنائية الدولية لهذا السبب 

3/19/2013 8:05 PM

عصام زكريا

«لكل من شاهد الجانى متلبسا بجناية أو جنحة يجوز فيها قانوناً الحبس الاحتياطى، أن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه».
25 كلمة بالضبط تكون نص المادة 37 من قانون الإجراءات الجنائية المصرى. 25 كلمة بريئة لم يكن يفكر رجال القانون حينما كتبوها سوى فى نشر الطمأنينة والسلام وتشجيع المواطنين على مساعدة رجال القانون فى عملهم المتواصل لإقرار الأمن والعدل فى البلاد. ولم يخطر ببال أحدهم أنها يمكن أن تكون بابا إلى الجحيم يفتحه النائب الخصوصى لجماعة الإخوان المسلمين يدخل منه ميليشياتهم وزمرة الإرهابيين المحيطين بهم... باب مفتوح على الحرب الأهلية والدمار الشامل الذى ينشرونه أينما حلت أفكارهم الملوثة بالعنف وأياديهم الملطخة بالدماء.
ولكن لأن الغباء ينقلب على أصحابه دائما فقد أثار اعلان الخصوصى والارهابى ردود فعل هائلة من أبرزها ردان متناقضان: الأول فرح عارم بالإعلان الذى سيعطى جموع الشعب المصرى الحق فى ضبط المجرمين فى الجماعة السرية التى تدير البلاد رغم أن كيانها ونفوذها وأموالها مخالفة لكل القوانين. والثانى هو تقديم ملف مرسى ونظامه منذ وصوله للحكم وحتى إعلان ميليشياته عن نفسها إلى المحكمة الجنائية الدولية واتهامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وفقا لقوانين روما والمحكمة الجنائية التى وقعت عليها دولة مبارك منذ أكثر من ثلاثة عشر عاما!
ردود الأفعال أثارت فزع العصابة الحاكمة خاصة بعد التصريحات الصادرة من الجيش التى حذرت من وجود أى ميليشيات من أى نوع فى مصر وتهددها بتولى زمام الأمن فى حالة عجز الشرطة أو انسحابها من أى منطقة..وبعد «العنطزة» الفارغة التى تمطع بها ترزية النظام فى اليوم الأول للإعلان، سرعان ما تراجعوا كعادتهم وقالوا إن النائب الخصوصى لم يفعل سوى قراءة نص مادة عمرها أكثر من ستين عاما وضعت فى عهد الملك فاروق!
قدرة الإخوان على التلاعب بالكلمات نادرة ولا مثيل لها فى تاريخ البشرية، ورغم تراجعهم إلا أن بعض أعضاء مجلس الشورى من غير الإخوان والسلفيين تقدموا بمشروع لتعديل المادة 37 المثيرة للجدل بحيث تنص على: «مع عدم الإخلال بالدستور وما نص عليه من حقوق أصيلة للمواطنين ومنها حق التظاهر السلمى والاجتماعات العامة لكل من شاهد الجانى متلبسا بجناية أو جنحة يجوز قانونا الحبس الاحتياطى أن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه».
بعض رجال القانون انتهزوا الفرصة أيضا ليشرحوا للناس أن مواد الدستور والقوانين تكمل بعضها البعض، وأن المادة 37 لا يمكن التعامل معها بدون الرجوع إلى مواد أخرى مثل المادة 30 التى تنص على أنه : « تـكـون الجريمة متلبساً بها حال ارتكابـهـا أو عـقـب ارتكابها ببرهــة يسيرة، وتعتبر الجريمة متلبساً بها إذا تبع الجانى مرتـكـبهــا أو تبعته العــامــة مع الصياح إثر وقــوعـهــا أو إذا وجد مرتكبها بعد وقـوعـهــا بوقـت قـريب حاملاً آلات أو أسلحة أو أمتعة أو أوراقــاً أو أشياء أخرى يستدل بها على أنه فاعل أو شريك فـيـها أو إذا وجــد بـه فى هـــذا الوقــت أثار أو عـلامـات تـفـيد ذلك».
ومعنى الكلام أن هناك ضوابط قانونية صارمة تحدد للمواطنين الحالات التى يحق لهم فيها التطوع بالقبض على مجرم متلبس فى بعض الجرائم المعينة مثل القتل والسرقة، وهى الضوابط التى تنص عليها المادة 25 والمادة 30 والمادة 34 والمادة 40 من قانون الإجراءات الجنائية والتى تجاهلها النائب الخصوصى.
أما رد الفعل الثانى الخاص بتحويل ملف مرسى لمحكمة الجنايات الدولية فهو أمر واجب بغض النظر عن مواد الضبطية القضائية مثار الجدل، فعلى مدار ستة أشهر من توليه منصب الرئاسة ارتكب مرسى وعصابته جرائم لا حصر لها ضد الانسانية.
وقد يبدو أن المحاكمة الدولية للرئيس أمرا مستبعد، ولكنه كذلك بسبب كسل وتهاون رجال القانون وجمعياتهم ومنظماتهم القانونية وليس لأن القوانين الدولية تحول دون ذلك...ولنتأمل قليلا تكوين وعمل المحكمة الجناية الدولية حتى نفهم أن مرسى متهم مثالى بالنسبة لها.
تأسست المحكمة الجنائية الدولية عام 2002 كأول محكمة، أنشئت وفق معاهدة دولية، تختص بمحاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم الاعتداء على المواطنين. تعمل المحكمة على إتمام عمل الأجهزة القضائية الوطنية الموجودة بالفعل، وليس من سلطتها أن تقوم بدورها القضائى ما لم يثبت لها أن المحاكم الوطنية غير راغبة أو غير قادرة على التحقيق أو الادعاء ضد تلك القضايا، ولذلك تمثل المحكمة الملجأ الأخير للمظلومين. ويقتصر مجال المحكمة على النظر فى الجرائم المرتكبة بعد 1 يوليو 2002، وهو تاريخ إنشائها، ودخول قانون روما للمحكمة الجنائية الدولية حيز التنفيذ.
والمحكمة الجنائية منظمة دولية دائمة، تسعى إلى وضع حد للفكرة السائدة بأن تقديم شخص ما إلى العدالة لقتله شخصا واحدا أسهل من تقديمه لها لقتله مائة ألف شخص مثلاً، فالمحكمة الجنائية الدولية هى أول هيئة قضائية دولية تحظى بسلطة عالمية، وبزمن غير محدد، لمحاكمة مجرمى الحرب ومرتكبى الفظائع بحق الإنسانية وجرائم إبادة الجنس البشرى.
بلغ عدد الدول الموقعة على قانون إنشاء المحكمة 121 دولة، وهناك عدد قليل رفض التوقيع عليها أو قام بسحب توقيعه تهربا من المساءلة. ويقع المقر الرئيس للمحكمة فى هولندا، لكنها قادرة على تنفيذ إجراءاتها فى أى مكان. ويخلط الكثيرون بين المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، والتى يقتصر عملها على حل النزاعات بين الدول، والحقيقة أنهما نظامان قضائيان منفصلان، كما أن المحكمة الجنائية الدولية غير تابعة للأمم المتحدة، وإن كان هناك تنسيق معها فى بعض الأمور.
هناك بالطبع لمن تنطبق عليهم شروط المحاكمة على رأسها أن تكون المحكمة الدولية هى الملاذ الأخير أمام المجنى عليهم، بعد فشل أو تخاذل المحاكم الوطنية فى القيام بذلك. وهذا الشرط والحمد لله يتوافر بجهود النائب الخصوصى الذى يعيق جهود أى محاولة لمحاكمة مرسى أمام قضاته الطبيعيين فى مصر!
الشرط الثانى هو ألا يكون المتهم قد حوكم بالفعل أمام أى محكمة وطنية، وهذا الشرط تحديدا هو الذى حمى مبارك وزبانيته من المثول أمام المحكمة الدولية لأنهم حوكموا فى مصر بالفعل، ولحسن الحظ أيضا أن مرسى لم يحاكم فى مصر.
تحويل ملف مرسى ونظامه للمحكمة الجنائية الدولية جائز جدا لأن الجرائم التى ترتكبها الداخلية والميليشيات الإسلامية التابعة لحزب الرئيس ينطبق عليها النوع الثانى من الجرائم التى تختص بها المحكمة، وهى ما تعرف بالجرائم ضد الانسانية، ويقصد بها الأفعال التى ترتكب فى إطار أى اعتداء واسع النطاق، أو منهجى، ضد مجموعة من السكان المدنيين، مثل القتل العمد، أوالإبادة، أو الاغتصاب، أو التهجير والنقل القسرى للسكان، أوالتمييز العنصرى، ومن الواضح لكل ذى عين أن مرسى قد ارتكبها كلها!
النقطة الأخيرة تتعلق باستنكار وجهه أحد قادة الحرية والعدالة بعد الفزع الذى أصابهم من احتمالية التوجه للمحكمة الدولية بالفعل على أساس أن هذا « زج « بالوطن فى متاهة التدخل الدولى فى شئونه.
وكما أشرت من قبل فعلى رأس الدول التى رفضت التوقيع على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية تأتى أمريكا واسرائيل وقطر، يعنى أمريكا لا علاقة لها بالموضوع، ويعنى أن حلفاء الإخوان كلهم من المعادين لفكرة المحكمة الدولية، وهو ما يؤكد وجهة نظرنا فى طبيعة هذا التحالف وفى ضرورة تقديمه للمحاكمة!

Blogger Template By: Bloggertheme9